جهة سوس ماسة … نظرة دونية واستغلال بشع للمرأة العاملة داخل المجتمع وهذه أبرز تجلياته … - أكادير انفو - Agadir info

جهة سوس ماسة … نظرة دونية واستغلال بشع للمرأة العاملة داخل المجتمع وهذه أبرز تجلياته …

20 يناير 2017
بقلم:
0 تعليق

349

في كل المدن المغربية خاصة التي تعرف الإهمال والتهميش يوجد مكان تقف فيه مجموعة من النساء ينتظرن حظهن من عمل مؤقت، حيث تتجمع عشرات النساء من الأرامل والمطلقات والأمهات العازبات من الطبقات الفقيرة بأحد المدارات بحي تلبورجت بأكادير وأيت ملول، والتي أعياهن الإنتظار لإيجاد شريك للحياة، ورمتهم الظروف إلى العمل في أي شيء مقابل أي شيء، يعرضن خدماتهن للراغبين في خادمة تتقن التنظيف والغسيل بأجرة يومية، لا تتعدى غالباً 100 درهم في اليوم، بهذا المبلغ الزهيد قد يقعن ضحية كل أنواع الإستغلال.

إنهن «نساء الموقف» كما يصطلح عليه في المغرب، هن محط شكوك ونظرة غير لائقة، لكن هناك من يستعين بعضلاتهن في الأشغال المنزلية، حيث تلتحقن بالموقف قبل بزوغ الشمس، لكل واحدة منهن قصة تختلف عن غيرها، ولكل منهن ظروف أسوأ من غيرها، هناك في الموقف يبحثن عن لقمة عيش، ولا تهمهن نظرات الناس أو تعليقاتهم، ما داموا لم يقدموا لهن يوماً يد المساعدة؛ فلا شيء أقسى من العودة مساء إلى المنزل بيدين فارغتين، ولو كانت هذه المهن جد بخيلة وقاسية، تجبرهن على أن يتركن كرامتهن في البيت قبل الخروج لعرض خدمات تنظيف لمنازل نساء أمثالهن.

تتميز خادمات الموقف بصبرهن وتحملهن لكل أنواع الأعمال المنزلية، كتنظيف الملابس والأواني والحيطان والأغطية والفرش والطبخ… زيادة على أنهن غير مكلفات من حيث الإقامة، ومصاريف الأكل، والأجرة جد بسيطة مقارنة مع الخادمات الدائمات، كلها عوامل قد تجعل المستخدم يجردهن من إنسانيتهن ويعاملهن بقسوة وتعال، فالعديد من خادمات الموقف يصطدمن بجدار التحرش في أغلب البيوت التي يدخلنها، فهذه الفئة هي ناتجة عن المشاكل الإقتصادية داخل المجتمع، كما أنها ضحية المؤسسات التي تعني بحقوق العامل والمراة …

ويفتح غياب قوانين تحمي الشغيلة، المجال لتعرضهن لمعاملات لا إنسانية ترجع بالأساس للأحكام المسبقة، التي تفرض أن كل من يقدم منهن خدمة معينة مقابل المال، لديه الإستعداد لتقديم كل الخدمات الأخرىة ( عاملات المساج اللواتي يقمن بتدليك الرجال لهن القدرة على تلبية كافة متطلبات الرجل بما فيها الجنسية وتفرض عليهن من طرف رب العمل الذي يطلب منهن أن يخرج الزبون وهو راضي لانه يدفع …)، فلدى العديد من المشغلين فكرة أن من تقدم خدمة التنظيف مقابل المال تستطيع تقديم خدمات اخرى مقابل المال حتى لو كانت لا إنسانية ، أي بشكل آخر هو استغلال حاجة الخادمة للمال للتحرش بها واستغلالها جنسياً حتى دون رغبتها، و قد يصل الأمر إلى التهديد بالإبلاغ عن سرقة أو ما شابه ذلك من أجل إرغامها للإمتثال لرغباته، إضافة إلى انعدام السلامة الجسدية اثناء العمل وانعدام التعويض عن الأضرار والمرض والاستغلال المكثف لهن، وهضم حقوقهن سواء الإقتصادية أو الإجتماعية، وهي حقوق تهم كل المواطنات و المواطنين ببلادنا في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وتفشي العطالة حتى في صفوف حاملي الشواهد العليا وانعكاساتها المدمرة على الاقتصاد المغربي التبعي للرأسمالية.

كما ان التهميش الاقتصادي الذي يرخي بظلاله على المناطق الفقيرة مع غياب المناطق الصناعية، وكذا غياب استثمارات للنهوض بالوضع التنموي تتزايد أشكال الاستغلال الخطير الذي تعرفه الطبقة العاملة وبالخصوص النساء العاملات في كل المجالات، مما يزيد في تدهور الأوضاع المعيشية لهذه الفئة.

وهناك فئة أخرى ليست أقل معاناة من نساء الموقف إنهن العاملات الزراعيات، حيث تعتبر معاناتهن نموذجا صارخا للبؤس الإجتماعي و ظروف العمل القاسية الحاطة من كرامتهن، فتلك المشاهد القاتمة من النقل المهين حيث يصعدن إلى العربات المخصصة للحيوانات (شاحنات نقل البضائع والدواجن )، و التي تمتلئ عن آخرها ليتم نقلهن كالأغنام..، زيادة عن العمل الشاق دون احترام عدد ساعات العمل القانونية، كل هذه العوامل تعبر بشكل جلي في الكثير من الأحيان عن المعاناة الحقيقية لهن، وكذا تزايد حالات حوادث الشغل مما يؤدي إلى المس بالحق في السلامة الشخصية والجسدية، إضافة إلى الاستغلال الجنسي للعاملات الزراعيات، واستغلال الفتيات القاصرات في العمل الفلاحي في ظروف يستحيل تحملها وبأجر زهيد لا يفي بمتطلبات الحياة القاسية.

قد تكون ظروفهن مختلفة لكن تبقى المعاناة مشتركة، إنها باختصار جانب الحياة البئيسة التي تعيشها النساء العاملات سواء نساء الموقف أو العاملات الزراعيات المنسيات في الضيعات الفلاحية أو في بيوت البرجوازية، في ظل غياب أدنى شروط العمل وكذا غياب التغطية الصحية والحماية القانونية لهن أمام تجاهل جمعيات حقوق المراة ومؤسسات الشغل التي تغرد خارج السرب وتتواطئ مع الباطرونة ومع مع المستفيدين من الفراغ في ما يسمى النصوص القانونية.

أمينة بوشايت

تعليقات الزوّار (0)