الانتخابات الجماعية والجهوية ل 2015: بين أزمة تغيير النخب ونهاية الأحزاب السياسية – أكادير انفو – Agadir info

الانتخابات الجماعية والجهوية ل 2015: بين أزمة تغيير النخب ونهاية الأحزاب السياسية

4 سبتمبر 2015
بقلم:
0 تعليق

featured-abdelmajid-eljihad-day02-620x330

تعد مشكلة تحديث النخب السياسية بالمغرب من أهم المعضلات السياسية، ذلك أنه ومن خلال الحملات الانتخابية وقوائم المرشحين، يتضح جليا أن الأحزاب السياسية أضحت غير قادرة على إنتاج نخبة سياسية وظيفية، مهمتها تحديث المجتمع وزرع بوادر التنمية الاجتماعية.

إن نخبنا السياسية والتي أضحت تشكل خطورة على المجتمع وذلك بفهمها الخاطئ للسياسة، على أنها مجال للصراع حول الخيرات والسلط والرموز، صراع بدأ يتخذ أشكالا متعددة ومتنوعة تترواح بين السب والقذف والضرب والجرح، بل امتدت حتى القتل (حالة السبعيني/ بسيدي قاسم).

ليس في الواقع أخطر من فهم السياسة كونها صراع من أجل الوصول إلى الحكم، هذا الصراع يمر عبر اللغة والعنف الأيديولوجي، بل قد يمر عبر مؤسسات سياسية. إن خطورة ما يحدث وما حدث هذه الأيام مصاحبا للحملة الانتخابوية، يبين بوضوح أننا أمام نخب سياسية غير قادرة على ممارسة وظائفها السياسية والاجتماعية، يجعلنا أمام نخب سياسية غير قادرة على إعادة بناء ذاتها بشكل ديموقراطي، ولعل هيمنة الأعيان وأسماء أسر الأعيان على المنشورات الانتخابية، يترجم طرحنا.

كما أن سير الأحزاب السياسية في هذا الاتجاه وممارستها لمبدأ “إستحمار” المجتمع المغربي يتناقض بشكل كبير مع تصورات الملك محمد السادس، الذي ينادي بمغرب للجميع. إن وضع النخب السياسية اليوم بالمجتمع المغربي ونحن نعيش لحظة حاسمة من تاريخنا، يمكن تحليله إنطلاقا من سلسلة من الملاحظات، التي في معظمها تجعل وضع السياسي يتناقض مع الطروحات النظرية، المؤسسة لعلم الاجتماع السياسي، فالانخراط في العملية السياسية، والمشاركة في الانتخابات والحصول على العضوية التمثيلية في الغرف المهنية والجماعات المحلية ومجلس الجهة، تجعل من السياسي يقتسم السلطة بشكل ديموقراطي مع كل الفاعلين السياسيين والمشارك في الحكم.

بهذا المعنى؛ ينبغي أن يكون السياسي مخططا اقتصاديا واجتماعيا ومثقفا، على اعتبار أن هم المثقف السياسي، هو رفع الإحباط الاجتماعي والاقتصادي والنفسي الذي يعيشه المجتمع. ومن هنا تبدأ، المساهمة في التحديث والانخراط في التنمية بشكل عملي لا مجرد شعارات انتخاباوية.

هناك فعلا أهمية كبرى للسياسي المثقف في القيام بدور تنموي في هذا البلد، بل خطاب العرش لجلالة ملك محمد السادس أيده الله، يسير في هذا الاتجاه، بحيث نجده، يقر بأن” كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة.

ورغم أن هذه الفئة في تناقص مستمر، فإنني حريص على أن يستفيد جميع المواطنين من خيرات الوطن. وكما عاهدتكم، سأواصل العمل إلى آخر رمق، من أجل بلوغ هذه الغاية” إن التحول التاريخي الذي يراهن عليه ملك البلاد. كما يراهن عليه الشعب المغربي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، كامن في القلة القليلة من المثقفين المهمشين في هذا الوطن، همشتهم الأحزاب السياسية والإطارات النقابية، حتى باتوا يتكلمون في غفلة عن هؤلاء.

هذه القلة وكما هو الحال في العديد من الدول، سواء النامية أو المتقدمة هي التي تصنع التحول التاريخي الذي نراهن عليه جميعا ملكا وشعبا. إن أحزابنا السياسية غير قادرة على صناعة هذه اللحظة، صناعة التحول التاريخي الذي قد يحقق التوزيع العادل للثروة والمساواة بين كل المواطنين.

إن السؤال الذي يمكن إثارته، هو لماذا لم يتم إدماج المثقفين المهمشين في عملية الانتخابات، فالجواب كامن بالأساس في كون هذه الفئة هي القادرة على الانخراط في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. أيضا، هذه الفئة هي الأكثر دفاعا عن قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية. أيضا هي الأكثر استجابة لقيم العقلانية والعدالة وقيمة الحقيقة، إضافة إلى كونهم يمتلكون قدرات فكرية وعملية.

كما أنهم يتسمون بطبيعة ثورية هادئة ودائمة. كما تطبعهم خصائص فكرية وحركية أكثر وطنية باعتبارهم أعضاء في الطبقة المتوسطة، التي تآكلت وجعلتهم أكثر تهميشا. إن اللحظة التاريخية التي ينتظرها المغاربة ملكا وشعبا من وراء هذه الانتخابات، التي سوف يشهدها المغرب، الجمعة رابع شتنبر، لن تصنعها النخبة، التي أنتجتها الاحزاب السياسية، هذه النخبة سوف تكون عاجزة عن خلق التغيير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، الذي يدافع عنه ملك البلاد والذي يطمح إليه الشعب المغربي، إننا أمام نخبة سياسية متقادمة لازالت أسيرة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فالتاريخ لازال يحفظ الصراعات السياسية والتصفيات التي تعرض لها مناضلو حزب الشورى والاستقلال من طرف حزب الاستقلال كمثال على هذه التاريخ وقس على ذلك العديد من الأحداث، التي عرفها المغرب، خاصة بروز نخبة سياسية خلال السبعينيات كانت تطمح للحكم وليس المشاركة فيه.

هناك تفاوت بين النخبة السياسية والتصور الملكي لبناء دولة حديثة، وبين النخبة السياسية وأفراد المجتمع المغربي، هذا التفاوت يظهر من خلال طرح الملك لفلسفة تسعى لبناء دولة العدالة الاجتماعية. ثم تفاوت بين النخبة السياسية وأفراد المجتمع المغربي، على مستوى المعارف والتطلعات والأحلام، خاصة لدى الشباب المغربي. نحن أمام، نخبة سياسية أسيرة الماضي، تعيش مفارقة بين الواقع وتصوراتها، وبالتالي فهي عاجزة عن خلق الأحداث السياسية الكبرى التي من شأنها صناعة لحظة تاريخية في بلادنا.

إن التغيير يأتي كردة فعل على أزمة الواقع الاجتماعي والاقتصادي، غير النخب السياسية لا تحكمها هذه الردة، لكونها تصطدم بالتراث التاريخي المليء بالصراع من جهة وسيطرت الأعيان وأسر الأعيان من جهة ثانية، الذين لا هم لهم سوى حماية مكتسباتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ما يميز عدم قدرة النخبة السياسية على التجدد، وتداول السلط داخل إطارتها السياسية، كون بعض الأحزاب لا تضع حدا فاصلا بينها وبين المجتمع المدني، من حق السياسي أن يكون ناشطا جمعويا. لكن ليس من حقه أن يترشح أو تترشح بصفة فاعل / فاعلة ـــــ جمعوي / جمعوية، وهذا ما يبرر طرحنا بأننا لسنا أمام مجتمع مدني بالمغرب، فالمجتمع المدني لا يتأسس على ما هو ديني أو عرقي أو سياسي، بقدر ما نحن أمام ظاهرة جمعوية مثلها مثل الظاهر السياسية.

أختم مقالاتي هذه بكون التفاوت الحاصل بين تصورات وفلسفة ملك البلاد الهادفة لبناء دولة العدالة الاجتماعية وبين الأحزاب السياسية التي لازالت أسيرة الماضي، لازالت تحكمها تصورات تهدف لحماية مكتسباتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، من جهة؛ ثم التفاوت الحاصل بين هذه التصورات التي تحملها النخبة السياسية وتطلعات الشباب المغربي والأسرة المغربية، يعد مؤشرا أساسيا على نهاية الحزب السياسي بالمغرب نحن أمام ظاهرة سياسية تتحكم فيها عوامل تاريخية وثقافية وإجتماعية. نحن أمام ظاهرة سياسية يتحكم فيها الأعيان وتتحكم فيها أسر الأعيان.

مقال رأي ل عبد الرحيم عنبي أستاذ باحث في علم الاجتماع جامعة ابن زهر/ أكادير

تعليقات الزوّار (0)