إذا انطبق عليك ما جاء في المقال .. فأنت بلا شك ستكون موظفًا حقيرًا في المغرب - أكادير انفو - Agadir info

إذا انطبق عليك ما جاء في المقال .. فأنت بلا شك ستكون موظفًا حقيرًا في المغرب

13 ديسمبر 2015
بقلم:
0 تعليق

13122015-05787

أن تكون موظفًا حقيرًا في المغرب..

أن تنتظر آخر الشهر من أجل أجرة هزيلة تسكن بها أفواه الثائرين في أسرتك. تشتري سروالًا لابنك، حذاءً لابنتك.. لباسًا يذكر زوجتك بأنك لا تزال تفكر فيها.. وإذا ما استرقت القليل من الدراهم لنفسك.. يمكنك أن تغيّر ربطة عنقك الذابلة وقميصك الأبيض الذي اغتاله الكيّ المتكرّر.

أن تتوقف في شراء الخضر على البطاطس والبصل والجزر والطماطم إذا ما استطعت لها سبيلًا.. لن تتجوّل قرب صناديق الفواكه حتى لا تصاب بــ”حكة الوحم”، ستقنع نفسك أن الفيتامينات التي يمنحها لك البرتقال قد يمنحها لك عصير كيميائي لا يتجاوز درهمًا.. ولن تمر قرب الجزار كي لا تزعزعك مشاهد اللحوم الطرية وهي تقف مزهوة في محله، ستقنع نفسك أن الله مكنك، باعتبارك مسلمًا، من مناسبة خالصة تنتقم فيها من اللحوم، بحيث تتزوّد بالشبع لعام كامل.

أن تبحث عن أبخس المقاهي حيث يمكنك أن تقلّص درهمًا أو درهمين من ثمن القهوة.. حيث قد يقنع النادل بدرهم واحد “بوربوار” أو تؤدي له ثمن ما شربته فقط دون أن تقوى على النظر في عينيه.. حيث ستتمكن من قراءة جريدة بالمجان حتى ولو تحوّلت من فرط التجوال بين الأيادي إلى خرقة بالية لا تصلح حتى لمسح الزجاج..

أن يبدأ عملك في التاسعة ومع ذلك يمكن أن تبدأه في العاشرة.. وأن “تسلت” قبل موعد الخروج بنصف ساعة وأن تستغل فترة الغذاء حتى تتمد عند صاحب المحلبة.. تؤديك الدولة عن ثماني ساعات في اليوم بينما بالكاد تعمل ساعتين، وفي النهاية سوف تشتم البرلمانيين والوزراء على أعمالهم القليلة ورواتبهم الوفيرة، وسوف تخرج في الوقفات النقابية حتى تطالب بحماية الطبقة الشغيلة.

أن تتحوّل إلى كسول في مكتبك.. لم تعد تفكر بالعطاء ولا الإنتاج ما دام الخمول عنصرًا جامعًا بينك وبين بقية الزملاء الكرام.. لأن أيّ نشاط مشبوه منك قد يعرّضك للوشاية وقد يجعل المدير ينظر إليكبعين المتوجس من أنك تحلم بالجلوس في مكانه.. وسيكون المواطن البسيط الذي ينتظر خدمة منك هو الضحية في كل هذه العملية، أو تلك المهمة التي من أجلها أنشأت الدولة هذه الإدارة.

أن تراقب الشمس وهي تنسل من السماء إيذانًا بنهاية يوم من العمل الممل.. فترمي بنفسك في أفران حديدية تسمى مجازًا بالحافلات كي تعود إلى بيتك.. تشتم عرق هذا، تسمع ثرثرة هذا، تتحسّك يد هذا التي تبحث في جيوبك عمّا يصلح للنهب، تنظر إلى سروال هذا وهو ينتفخ من جزئه الأعلى في الأمام كي يباشر معركة جنسية تقتات من الزحام والتوقفات المفاجئة للحافلة.. ومن حين لآخر، عليك أن تتحمّل صعود شحاذ بعاهة مستديمة وهو يتشبت ببذلتك ملتمسًا ثمن خبزة.

أن تجعل من “الكريدي” رفيقًا لك طول الحياة، وإن كنت محظوظًا ستتمكن من إنهائه قبل أن ترحل إلى القبر أو ستترك لأبنائك دينا طويلًا لأجل شقة بائسة لا تستطيع جدرانها حتى إيقاف صوت زوجة الجار وهي في لحظاتها الشبقية.. لأجل شقة ضيقة أجبرتك على استقبال أصدقائك في المقاهي حتى لا يسخرون من صالون ملتصق بالمرحاض والمطبخ.

أن تقضي عطلتك ببيت الجدة في القرية حتى تقتصد في مصاريفك.. أن تتألم وأنت ترفض طلب ابنك بأن يذهب مع أصدقائه إلى التخييم الصيفي بمبرّر أنك تخاف عليه بينما أنت لا تقوى على أداء مبالغ رحلته.. أن تتجرّع غصة الذنب وزوجتك تبحث عمّن تقرضها “قفطانًا” حتى تحضر زفاف قريبها.. أن تبكي دمًا وأنت تدفع بابنتك إلى الدراسة في جامعات البطالة بدل إرسالها إلى الخارج لانعدام الرصيد البنكي.

أن تغبط ذلك البائع المتجول الذي قد تتجاوز أرباحه الشهرية ما يصلك من أجر.. أن تندم على اقتناعك ذات يوم بأن “خدمة المخزن مزيانة” وبمَثَل “اللهم قليل ومداوم” بينما يعيش صديقك الذي اختار العمل الحر أفضل بكثير منك.. أن تجد نفسك على أعتاب تقاعد بئيس لن يؤدي حتى ما تراكم في كناش البقال.. وأن تعدّ نفسك في سنوات عملك الأخيرة لتعلّم حرفة أخرى تقيك شرّ السؤال.. أو أن تطلب الله أن يهدي أبناءك حتى يخصصون لك مقدارًا شهريا يمكّنك من أن تلعب “ضامة” إلى غاية أن “ياخذ مول الأمانة أمانتو”.

إسماعيل عزام

صحافي بجريدة ” CNN عربية” الإلكترونية

 

تعليقات الزوّار (0)